لقد ظهر الإسلام ومنذ اللحظة الأولى وقد عالج مشاكل اِجتماعيّة، واقتصادية وسياسية وقد سعى الإسلام لإقامة الحياة البشرية على أساس يساعده في القيام بالوظيفة التي بعث لأجلها، ألا وهي عمارة الأرض بالعلم والعمل الصالح الذي يعود بالنفع والخير عليه، وعلى المجتمع الذي ينتمي إليه، ولذلك حرص الإسلام وغيره من الديانات السماوية على أهمية العمل، وحرص على ضرورة إتقانه..
للعمل أهمية كبيرة في حياة الإنسان، فهو مصدر رزقه وقوت أسرته ومن يعيلهم، وبدون هذا العمل لا يمكن أن يستمر في الحياة، وكذلك تكمن أهمية العمل في تحديد المستوى الاقتصادي والإجتماعي للشخص، بحيث يدعي الشخص باسم العمل أو الوظيفة التي يقوم فيها: كالطبيب، والمهندس، والنجار وغيرها من المسميات، إن للعمل أهمية كبرى في تطور المجتمع وتقدمه، حيث إن المجتمع الذي يعتمد على العمل النافع شجرة يانعة تقف صامدة في وجه رياح الأعداء مهما اشتدت، وترتفع في هذا المجتمع مستويات المعيشة ويقلل من نسبة الفقر، لذلك يكون المجتمع قادرا على المضي قدما في مسيرة التطور والحضارة، ومواكبة مستجدات العصر، ويمكن للمجتمع الاعتماد على نفسه في الانتاج، مما يضفي عليه ثقلا دوليا في المجالات السياسية.
يعتبر العمل عبادة من العبادات التي توصل الإنسان إلى رضا الله والفوز بجنته، كما أنّ العمل يسهم في تعبئة وقت الفراغ بأشياء مفيدة وخاصّة فئة الشباب، وبالتالي يمنع الفساد والانحراف داخل المجتمع، ويساعد العمل صاحبه في بناء شخصيته وتكوين ذاته المستقلة، كما ويمكن الشاب من بناء أسرة.
إن إتقان العمل وإتمامه على أكمل وجه بات قاعدة أساسية في أي عمل أو مهنة يقوم بها الإنسان، وقد دعا الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى إتقان العمل، وجعل ذلك ركيزة أساسية من ركائز الإسلام، ووسيلة للوصول إلى رضا الله ومحبته، كما قال صلّى الله عليه وسلّم إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" ، ويتمثل إتقان العمل في الإخلاص، وانجاز العمل وفقاً للقواعد والشروط المطلوبة من قبل صاحب العمل، وعدم استخدام وسائل الغش للحصول على أموال بطرق غير سليمة، ولا يمكن تحقيق ذلك في حال عدم وجود دافع داخلي وإنساني ورغبة في القيام بالعمل، ويعتبر العمل في مجالات الهواية والميول أحد أهم الطرق التي تؤدي إلى حب العمل وإتقانه.
العمل جوهرة ثمينة، لا يعرف قدرها إلّا من افتقد لها، وبات ضحية شبح البطالة، فعلى الإنسان إتقان عمله والعمل في أشياء نافعة تساهم في بناء مجتمعه وتطوره، والبعد عن العمل في مجالات تؤدي به وبمجتمعه إلى طريق الهلاك والإنهيار.